بسم الله الرحمن الرحيم
الاعجاز العددي في القرآن الكريم
بقلم الدكتورة سناء السعداوي
شُغف كثير من الناس بأنواع من الإعجازات في القرآن الكريم ، ومن هذه الأنواع " الإعجاز العددي " فنشروا في الصحف والمجلات وشبكات الإنترنت قوائم بألفاظ تكررت مرات تتناسب مع لفظها ، أو تساوى عددها مع ما يضادها فكان لابد من إعطاء نبذة مختصرة عن هذا العلم
إعطاء تعريف دقيق لهذا العلم الناشئ.
الإعجاز العددي : ما ورد في القرآن الكريم من إشارات إلى حقائق كونية بطريق الحساب العددي
إن مصطلح (الإعجاز العددي) يتركب من جزأين: الإعجاز وهو الشيء الذي لا يُستطاع ويُعجز عنه أي ما أعجز به الخصم عند التحدي ،
والعدد الإحصاء، ويُراد به هنا الأرقام المعروفة التي يُعد بها ويُحصى
يتألف من ركنين أساسين: وهو أمر أساس فلكي
أولهما: أن يكون أمراً معجزاً ليس في مقدور البشر المجيء بمثله.
الثاني: أن يكون الأمر المعجز معتمدا على الأرقام والأعداد([1])
إن السلف قديماً أحصوا حروف القرآن الكريم بشكل دقيق، وتفننوا في ذلك وشققوا المسائل فيه وفرعوا، فلنا فيهم أسوة، ولكنها ليست من ضمن البحث الإعجازي في القرآن الكريم.
ومن هنا كان الخلل الكبير الذي اتسمت به كثير من الدراسات المتعلقة بالإعجاز العددي عند فقد ركني الإعجاز كما في بعض الكتب تساوي ذِكْر الرجل والمرأة في القرآن الكريم أو تساوي ذكر الدنيا والآخرة، أو الملائكة والشياطين، ولكنها ليست مما يندرج ضمن الأمور المعجزة التي لا يُقدر عليها فلابد من التفريق بين الإعجاز العددي في القرآن الكريم وبين الظاهرة العددية في القرآن الكريم ومثل لفظة الجهر ورد في القرآن (16 ) مرة، مساويا لفظ العلانية، ولفظ إبليس وردت (11) مرة ويساويه لفظ الاستعاذة بالله، ولفظ الرغبة بلغ ( مرات ويساويه لفظ الرهبة
إنما المراد منه : هو التوازن العددي المتساوي بين الكلمات المتوافقة وغير المتوافقة , والتناسق المقصود بين الآيات , وبهذا التماثل العددي والتكرار الرقمي الموجود فيه يكون ملفتا للانتباه داعيا لتدبر آياته , وهو من أنواع الإعجاز المتعلق بفصاحة القرآن الكريم وبلاغته , فإنه يحتوي على علاقة عددية منتظمة في الأوامر والنواهي , وقد تضمن أعدادا وإحصاءات لا يستطيع كشف جماليتها وأسرارها إلا الماهر الغواص في بحر علوم كتاب الله , ولذلك أمرنا الله أن نتأمل كتابه
فقال تعالى : ( أفلا يتدبرون القرآن )وهو أحد وجوه الإعجاز القرآني كما قال السكاكي في المفتاح : إن إدراك إعجاز القرآن ممكن ولكن لا يمكن وصفه . وقال ابن سراقة : من بعض وجوه إعجاز القرآن ما ذكر الله فيه من أعداد الحساب والجمع والقسمة والضرب والموافقة والتأليف والمناسبة والتصنيف والمضاعفة .
فهذه الأرقام العجيبة لا يستطيع أن يحيط بها الإنسان علما لأنها تحتاج إلى دراسات وأبحاث علمية واسعة ولأن القرآن لا تنتهي عجائبه , تأمل قوله تعالى : (ما فرطنا في الكتاب من شيء )
إثبات أن القرآن كتاب الله تعالى وأنه لميحرف، وأن الله تعالى قد رتبه بطريقة لا يمكن لأحد أن يأتي بمثلها.
فائدة هذا العلم : هي معرفة بعض معاني وإشارات الكتاب العزيز واليقين والجزم والعلم بالضرورة بأن هذا القرآن العظيم , هو وحي من تنزيل الله الحكيم , على نبيه الرحيم , وليس من تأليف البشر ولا بقول أفاك أثيم .ومعنى الإعجاز العددي النظر بما للقرآن الكريم من عصمة باعتباره كلام الله جل وعلا، فيجعله دليلا يرشده إلى حقائق كونية أو مسائل غيبية، ولولا هذه العصمة لم يصح استدلاله،.
الإعجاز العددي في كتابات العلماء قديماًوحديثاً
كثيرا من الباحثين -قديما و حديثا - بحثوا في تناسق القرآن و انسجامه ،و ترتيب سوره و آياته ،و أظهروا كثيرا من أسراره و إعجازه و تماسكه ، كالسيوطي في أسرار ترتيب القرآن ، و محمود الكرماني في أسرار التكرار في القرآن ، و سيد قطب في ظلال القرآن ، و فاضل السامرائي في لمساته البيانية ، و محمد الزفزاف في كتابه التعريف بالقرآن و الحديث . و قد أظهرت البحوث الحديثة حول الإعجاز العددي و الرقمي في القرآن نتائج باهرة و مذهلة حول البناء الرقمي المحكم الذي بُني عليه القرآن على مستوى سوره و آياته ، و حروفه و معانيه ([2])
وقد بدأ الاهتمام بالإحصاءات القرآنية مبكرا في عهد الحجاج بن يوسف الثقفي حيث أرسل إلى قراء البصرة منهم الحسن البصري ومالك بن دينار وقال لهم : عدوا حروف القرآن . ([3])وقد ألف في هذا الموضوع كثير من العلماء قديما وحديثا وخاصة بعد ظهور الحاسوب حيث كان وسيلة سهلة وسريعة ودقيقة في الإحصاءات القرآنية .
وما يدل على اهتمام السابقين بهذا النوع من الإعجاز ما أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (2172) والبيهقي في السنن الكبرى (4/213) والحاكم في المستدرك (1639) وصححه عن ابن عباس قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدعوني مع أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ويقول لي: لا تتكلم حتى يتكلموا، قال: فدعاهم وسألهم عن ليلة القدر قال: أرأيتم قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: التمسوها في العشر الأواخر، أي ليلة ترونها؟ قال: فقال بعضهم: ليلة إحدى، وقال بعضهم: ليلة ثلاث، وقال آخر: خمس، وأنا ساكت فقال: ما لك لا تتكلم؟ فقلت: إن أذنت لي يا أمير المؤمنين تكلمت، قال فقال: ما أرسلت إليك إلا لتتكلم، قال: فقلت: أحدثكم برأيي! قال: عن ذلك نسألك، قال فقلت: السبع، رأيت الله ذكر سبع سماوات، ومن الأرضين سبعا،وخلق الإنسان من سبع ،وبرز نبت الأرض من سبع. قال فقال: هذا أخبرتني ما أعلم أرأيت ما لا أعلم ما قولك: نبت الأرض من سبع، قال فقلت، إن الله يقول "شققنا الأرض شقا" [عبس:26] إلى قوله: "وفاكهة وأبا" [عبس:31] والأب نبت الأرض مما يأكله الدواب ولا يأكله الناس، قال: فقال عمر - رضي الله عنه - : أعجزتم أن تقولوا كما قال هذا الغلام الذي لم يجتمع شؤون رأسه بعد، إني والله ما أرى القول إلا كما قلت، قال وقال: قد كنت أمرتك أن لا تتكلم حتى يتكلموا وإني آمرك أن تتكلم معهم. فابن عباس - رضي الله عنهما - نظر إلى تكرر رقم سبعة في عدد من آيات القرآن الكريم، مما يدل على أن له معنى خاصا، فجعله أمارة يستنبط منها أن ليلة القدر الوارد ذكرها في قوله تعالى:"إنا أنزلناه في ليلة القدر" [القدر:1] هي ليلة السابع من العشر الآواخر من رمضان، وهذا لا يمنع أن يكون - رضي الله عنه- استند في فهمه إلى قرائن أخرى.
بعض التسميات الواردة في القرآن :
وتكررت بلفظ الجمع أيام 23 مرة وبلفظ أياما 4 مرات وبلفظ المثنى يومين 3 مرات = 30 مرة بعدد أيام الشهر .
وتكرر لفظ الشهر في القرآن الكريم 12 مرة بعدد أشهر السنة .
ــ بعض الإشارات القرآنية البديعة :
سورة المجادلة ترتيبها في المصحف 58 وقد ذكر اسم الله فيها صريحا ومضمرا 58 مرة .
وقد تألفت لفظة الدنيا من ستة أحرف ومقابلها خلقت الدنيا في ستة أيام .
وقد تألفت لفظة الإنسان من سبعة أحرف ومقابلها تم خلق الإنسان على مراحل سبع
الإعجاز في العدد سبعة :
ــ الفاتحة هي السبع المثاني .
ــ نزل القرآن على سبعة أحرف .
ــ وخلق الله سبع سموات وسبعة أرضين .
ــ الطواف سبعة أشواط والسعي سبعة أشواط .
ــ السور الطوال في القرآن سبعة .
ــ ذكر سبعة أبواب لجهنم .
ــ منارات المسجد الحرام كانت سبعا ثم زاد عليها آل سعود حتى أصبحت تسعا .
ــ أقسام الوحي سبعة والقارات سبع وعدد أيام الأسبوع سبعة .
ــ السجود في الصلاة على سبعة أعضاء .
ــ سبع سور سميت بأسماء الأنبياء .[4]
وحديثا كانت هناك بعض المنزلقات والزلات لهذا العلم وسأذكر أمثله لبعض منها إذ فيها كثير من الدخل والدخن؛
1- الحسابات العددية ارتبطت بالبهائية (وهي أحد الفرق الباطنية الضالة) وعلى تلك الحسابات اعتمد ـ الهالك ـ رشاد خليفه في دعوى النبوة، وأما الإعجاز الرقمي فدعوى ضلال، وتعود في أصلها إلى نظريات فيثاغورس في تقديس الأعداد، ويستخدمها طائفة من اليهود للإدعاء بأن حوادث التاريخ - بعد وقوعها طبعاً!! - مكتوبة في التوراة بالشفرة، وهذا التفسير معروف بالقَبَّالة.والغريب أن بعض المؤلفين في هذا الباب يزعمون أن الرقم (19) له خصوصية قرآنية، وهو رقم البهائية المقدّس!!وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم (حتى لو دخلوا جحر ضبّ لدخلتموه).فالموضوع خطير، ولكن بعض الطيبين يطربون لهذه الأرقام الانتقائية!!
2- اتسمت كثير من الدراسات المتعلِّقة بالإعجاز العددي بالتكلف وصور التحمل وافتقاد المنهجية المطردة المنضبطة، التي تحكم مساره وتضبط أبحاثه، فأدخلوا بعض الحسابات العددية التي توصلوا لها وفق عملية حسابية معينة ضمن إطار الإعجاز وهذا لا يجوز , واعتماد بعض الدراسات على بعض المسائل الخلافية المتصلة بالقرآن الكريم التي لم يزل الخلاف فيها بين أهل العلم قائماً، نحو رسم المصحف وترتيب السور، في عصر النبوة كان يقسم القرآن الكريم إلى الطوال والمئين والمثاني والمفصل، فهذه الأمور المحدثة في رسم المصحف ليس لها العصمة التي لكلام الله حتى يبنى عليها وتجعل مأخذا ومنزعا
3- العبث في كتاب الله تعالى ، والذي كان سببه الجهل بحقيقة إعجاز كتاب الله تعالى ومنه ما تردد كثيراً بعد الأحداث التي وقعت في أمريكا، واستدلال بعضهم عليها بما ورد في سورة التوبة، وراح البعض يحدد بتلك الأرقام " زوال دولة إسرائيل " وتعدى آخر إلى " تحديد يوم القيامة " ، والملاحظ أن أولئك الذين نشروا تلك الأرقام لم يصيبوا في عدِّهم لبعض الألفاظ ، ووجدت الانتقائية من بعضهم في عدِّ الكلمة بالطريقة التي يهواها ، وكل هذا من أجل أن يصلوا إلى أمرٍ أرادوه وظنوه في كتاب الله تعالى .وقد رد الدكتور خالد السبت على من استدل بآية ( لا يزال بنيانهم .. ) في سورة التوبة على تفجيرات أمريكا - :أن مبنى هذه الارتباطات على الحساب الشمسي ، وهو حساب متوارث عن أُمم وثنية ، ولم يكن معتبراً لدى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وإنما الحساب المعتبر في الشرع هو الحساب بالقمر والأهلة ، وهو الأدق والأضبط ، ومما يدل على أن المعروف في شرائع الأنبياء هو الحساب بالقمر والأهلة حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أُنْزِلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ ، وَأُنْزِلَتْ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ ، وَالْإِنْجِيلُ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ ، وَأُنْزِلَ الْفُرْقَانُ لِأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ ) ([5]). وهذا لا يعرف إلا إذا كان الحساب بالقمر والأهلة ،
4- الدراسات التي تتعلَّق بمسائل غيبية أو حوادث مستقبلة فهذا مسلك خطر، لا تُأمن فيه السلامة، ولم يزل الدجل والإفك يقترن بما اتصل بالغيبيات والأمور المستقبلة من بحوث ودراسات، ومسائل الغيب قد حجبها الله عن عباده إلا من ارتضى من رسله، فينبغي أن تنزه البحوث المتعلقة بالقرآن الكريم عن الخوض في هذا البحر اللجي.
5- بعض الدراسات تنطلق من قناعات سابقة في أمر ما، تكون حكما على القرآن الكريم، حتى إنك ترى الباحث يتكلَّف ويتحَّمل في البحث والاستنتاج حتى يصل إلى تلك النتيجة المقررة عنده سلفا
قدَّم الدكتور " أشرف عبد الرزاق قطنة " دراسة نقدية على الإعجاز العددي في القرآن الكريم ، وأخرجه في كتاب بعنوان : " رسم المصحف والإعجاز العددي ، دراسة نقدية في كتب الإعجاز العددي في القرآن الكريم " وخلص في خاتمة الكتاب الذي استعرض فيه ثلاثة كتب هي (1) كتاب " إعجاز الرقم 19 " لمؤلفه باسم جرار ، (2) كتاب " الإعجاز العددي في القرآن " لعبد الرزاق نوفل ، (3) كتاب " المعجزة " لمؤلفه عدنان الرفاعي ، وخلص المؤلف إلى نتيجة عبَّر عنها بقوله :
" وصلت بنتيجة دراستي إلى أن فكرة الإعجاز العددي " كما عرضتها هذه الكتب " غير صحيحة على الإطلاق ، وأن هذه الكتب تقوم باعتماد شروط توجيهية حيناً وانتقائية حيناً آخر ، من أجل إثبات صحة وجهة نظر بشكل يسوق القارئ إلى النتائج المحددة سلفاً ، وقد أدت هذه الشروط التوجيهية أحياناً إلى الخروج على ما هو ثابت بإجماع الأمة ، كمخالفة الرسم العثماني للمصاحف ، وهذا ما لا يجوز أبداً ، وإلى اعتماد رسم بعض الكلمات كما وردت في أحد المصاحف دون الأخذ بعين الاعتبار رسمها في المصاحف الأخرى ، وأدت كذلك إلى مخالفة مبادئ اللغة العربية من حيث تحديد مرادفات الكلمات وأضدادها .
وقد ذكر الدكتور فهد الرومي أمثله على اختيار الدكتور عبد الرزاق نوفل الانتقائي للكلمات حتى يستقيم له التوازن العددي ، ومن ذلك قوله : إن لفظ اليوم ورد في القرآن ( 365 ) مرة بعدد أيام السنة ، وقد جمع لإثبات هذا لفظي " اليوم " ، " يوماً " وترك " يومكم " و " يومهم " و " يومئذ " ؛ لأنه لو فعل لاختلف الحساب عليه ! وكذلك الحال في لفظ " الاستعاذة " من الشيطان ذكر أنه تكرر ( 11 ) مرة ، يدخلون في الإحصاء كلمتي " أعوذ " و " فاستعذ " دون " عذت " و " يعوذون " و " أعيذها " و " معاذ الله " ([6]).
ما هو الحكم الشرعي على هذا النوع من الدراسات الحديثة؟
إن هذه الارتباطات جعلت كثيراً من الدارسين يقف من هذا الاتجاه الحادث موقف الريب، وينزع فيه منزع الشك، وقد أبدى كثير من المختصين في الدراسات القرآنية تحفظهم الشديد على هذا النوع من البحوث المتصلة بالقرآن الكريم، وأحيانا يخرج البحث عن المسار العلمي إلى نطاق يتعلق بالأشخاص، فالسؤال المنهجي المهم هنا هو: هل هذه ( الأعداد المعجزة) التي يُذكر أنها في القرآن الكريم، والتي تشير إليها البحوث والدراسات المعاصرة جائزة الوقوع عقلاً، بحيث لا يمتنع وقوعها عقلا في القرآن الكريم، وبمعنى آخر هل هناك ما يمنع من ورود أرقام وأعداد تحسب بطريقة ما فتدل على حقائق علمية وكونية،؟
والظاهر أنه جائز الوقوع عقلاً؛ لأنه لا يوجد ما يحيل وقوعه لا من حيث نصوص الشرع، ولا من حيث جريان العادات والسنن، غير أن التكلُّف والتحُّمل في الإبحاث ذات الصلة وافتقاد المنهجية شابت كثيراً من تلك الدراسات، مما يجعل المرء على حذر من قبولها مطلقا دون فحص ونظر([7])
كما أنه تعالى لا يعجزه شيء ولا يعزب عنه مثقال ذرة، وعدم وجود المانع دليل على الجواز قطعا، على أنه لا تلازم بين الجواز العقلي والوقوع الفعلي، إذ ليس كل ما يجوز عقلاً يقع فعلاً، وهذا لا إشكال فيه بحمد لله. بمعنى لا تلازم بين القول بجواز هذا النوع من الدراسة من حيث النظر العقلي وتصحيح البحوث الموجودة اليوم، بل فيها ما هو باطل قطعاً، وفيها ما دون ذلك مما يحتاج إلى مزيد من النظر، وإنما المقصود بحث هذه المسألة بحثاً علمياً مجرداً عن تطبيقاتها الحالية.([8])
إحصاءات في السور والآيات :
سور القرآن : 114 أجزاء القرآن : 30 أحزاب القرآن : 60 سجدات القرآن : 15 أحرف القرآن : 7 آياته : 6236 كلمات القرآن : 77439 بسملات القرآن: 114 نقط القرآن : 1015030
السور المكية: 86 السور المدنية : 28 المختلف فيها : 12 الآيات المكية : 4470 الآيات المدنية : 1729 الآيات التي لم تنزل بمكة ولا المدينة : 37 آية .
لفظ الجلالة: 2707 : منها 980 مرة في حالة الرفع , و592 مرة في حالة النصب , و1135 في حالة الجر .
حروف القرآن بحسب كتابتها : 323071 , حروف القرآن بحسب لفظها : 335288والفرق بينهما : 9517 حرفا .
وهناك بعض الإحصاءات مختلف فيها مثل عدد الحروف والكلمات والآيات وذلك بسبب الوقوف التي كان يقف عليها النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك على مذهب من عد البسملة آية من الفاتحة أم لا .
بعض التوافقات في القرآن :
هناك توازن في الكلمات المتوافقة في القرآن وفي الكلمات المتضادة أيضا سأورد مثالا على النوعين : مع العلم بأن هذه التعدادات مع مشتقاتها كلها !
أ ــ التوازن في الكلمات المتوافقة :
كلمة القرآن وردت في القرآن 70 مرة # كلمة الوحي وردت في القرآن 70 مرة
كلمة الطهر وردت في القرآن 31 مرة # كلمة الاخلاص وردت في القرآن 31 مرة
كلمة البعث وردت في القرآن 45 مرة # كلمة الصراط وردت في القرآن 45 مرة
ب ــ التوازن في الكلمات المتضادة :
كلمة الدنيا وردت في القرآن 115 مرة # كلمة الآخرة وردت في القرآن 115مرة
كلمة الصالحات وردت فيه 167 مرة # كلمة السيئات وردت في القرآن 167 مرة
كلمة الملائكة وردت في القرآن 88 مرة # كلمة الشياطين وردت في القرآن 88 مرة
كلمة الحياة وردت في القرآن 145 مرة # كلمة الموت وردت في القرآن 145 مرة
كلمة النفع وردت في القرآن 50 مرة # كلمة الفساد وردت في القرآن 50 مرة ([9])
وأما الحساب الذي يذكره الله تعالى في كتابه الكريم فهو الحساب الدقيق الذي لا يختلف على مدى السنوات ، وهو الحساب القمري .
وفي قوله تعالى : ( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ) الكهف/25 ذكر بعض العلماء أن عدد ( 300 ) هو للحساب الشمسي ، وأن عدد ( 309 ) هو للحساب القمري ! وقد ردَّ على هذا القول الشيخ محمد بن صالح العثيمين ، وبيَّن في ردِّه أن الحساب عند الله تعالى هو الحساب القمري لا الشمسي .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :" ( وَازْدَادُوا تِسْعاً ) ازدادوا على الثلاث مائة تسع سنين ، فكان مكثُهم ثلاث مائة وتسع سنين ، قد يقول قائل : " لماذا لم يقل مائة وتسع سنين ؟ "
فالجواب : هذا بمعنى هذا ، لكن القرآن العظيم أبلغ كتاب ، فمن أجل تناسب رؤوس الآيات قال : ( ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً ) ، وليس كما قال بعضهم بأن السنين الثلاثمائة بالشمسية ، وازدادوا تسعاً بالقمرية ؛ فإنه لا يمكن أن نشهد على الله بأنه أراد هذا ، مَن الذي يشهد على الله أنه أراد هذا المعنى ؟ حتى لو وافق أن ثلاث مائة سنين شمسية هي ثلاث مائة وتسع سنين بالقمرية فلا يمكن أن نشهد على الله بهذا ؛ لأن الحساب عند الله تعالى واحد .
وما هي العلامات التي يكون بها الحساب عند الله ؟
الجواب : هي الأهلَّة ، ولهذا نقول : إن القول بأن " ثلاث مائة سنين " شمسية ، ( وازدادوا تسعاً ) قمرية قول ضعيف .
ويمكن الرجوع والاستزادة من
1 : الإتقان في علوم القرآن للسيوطي ط : دار الجيل بيروت ط : الأولى 1419- 1998
2 : البرهان في علوم القرآن للزركشي .
3 : فنون الأفنان في عجائب علوم القرآن لابن الجوزي ط: مؤسسة الكتب الثقافية ط: الأولى 2001
4 : الأعداد من القرآن والحديث والأخبار لمحمد أبو اليسر عابدين ط : الشام ط : الأولى 1414- 1994
5 : تفسير آيات العدد في القرآن الكريم لعبد المنعم عبد الوهاب المغازي ط : مكتبة الإيمان المنصورة
[
الاعجاز العددي في القرآن الكريم
بقلم الدكتورة سناء السعداوي
شُغف كثير من الناس بأنواع من الإعجازات في القرآن الكريم ، ومن هذه الأنواع " الإعجاز العددي " فنشروا في الصحف والمجلات وشبكات الإنترنت قوائم بألفاظ تكررت مرات تتناسب مع لفظها ، أو تساوى عددها مع ما يضادها فكان لابد من إعطاء نبذة مختصرة عن هذا العلم
إعطاء تعريف دقيق لهذا العلم الناشئ.
الإعجاز العددي : ما ورد في القرآن الكريم من إشارات إلى حقائق كونية بطريق الحساب العددي
إن مصطلح (الإعجاز العددي) يتركب من جزأين: الإعجاز وهو الشيء الذي لا يُستطاع ويُعجز عنه أي ما أعجز به الخصم عند التحدي ،
والعدد الإحصاء، ويُراد به هنا الأرقام المعروفة التي يُعد بها ويُحصى
يتألف من ركنين أساسين: وهو أمر أساس فلكي
أولهما: أن يكون أمراً معجزاً ليس في مقدور البشر المجيء بمثله.
الثاني: أن يكون الأمر المعجز معتمدا على الأرقام والأعداد([1])
إن السلف قديماً أحصوا حروف القرآن الكريم بشكل دقيق، وتفننوا في ذلك وشققوا المسائل فيه وفرعوا، فلنا فيهم أسوة، ولكنها ليست من ضمن البحث الإعجازي في القرآن الكريم.
ومن هنا كان الخلل الكبير الذي اتسمت به كثير من الدراسات المتعلقة بالإعجاز العددي عند فقد ركني الإعجاز كما في بعض الكتب تساوي ذِكْر الرجل والمرأة في القرآن الكريم أو تساوي ذكر الدنيا والآخرة، أو الملائكة والشياطين، ولكنها ليست مما يندرج ضمن الأمور المعجزة التي لا يُقدر عليها فلابد من التفريق بين الإعجاز العددي في القرآن الكريم وبين الظاهرة العددية في القرآن الكريم ومثل لفظة الجهر ورد في القرآن (16 ) مرة، مساويا لفظ العلانية، ولفظ إبليس وردت (11) مرة ويساويه لفظ الاستعاذة بالله، ولفظ الرغبة بلغ ( مرات ويساويه لفظ الرهبة
إنما المراد منه : هو التوازن العددي المتساوي بين الكلمات المتوافقة وغير المتوافقة , والتناسق المقصود بين الآيات , وبهذا التماثل العددي والتكرار الرقمي الموجود فيه يكون ملفتا للانتباه داعيا لتدبر آياته , وهو من أنواع الإعجاز المتعلق بفصاحة القرآن الكريم وبلاغته , فإنه يحتوي على علاقة عددية منتظمة في الأوامر والنواهي , وقد تضمن أعدادا وإحصاءات لا يستطيع كشف جماليتها وأسرارها إلا الماهر الغواص في بحر علوم كتاب الله , ولذلك أمرنا الله أن نتأمل كتابه
فقال تعالى : ( أفلا يتدبرون القرآن )وهو أحد وجوه الإعجاز القرآني كما قال السكاكي في المفتاح : إن إدراك إعجاز القرآن ممكن ولكن لا يمكن وصفه . وقال ابن سراقة : من بعض وجوه إعجاز القرآن ما ذكر الله فيه من أعداد الحساب والجمع والقسمة والضرب والموافقة والتأليف والمناسبة والتصنيف والمضاعفة .
فهذه الأرقام العجيبة لا يستطيع أن يحيط بها الإنسان علما لأنها تحتاج إلى دراسات وأبحاث علمية واسعة ولأن القرآن لا تنتهي عجائبه , تأمل قوله تعالى : (ما فرطنا في الكتاب من شيء )
إثبات أن القرآن كتاب الله تعالى وأنه لميحرف، وأن الله تعالى قد رتبه بطريقة لا يمكن لأحد أن يأتي بمثلها.
فائدة هذا العلم : هي معرفة بعض معاني وإشارات الكتاب العزيز واليقين والجزم والعلم بالضرورة بأن هذا القرآن العظيم , هو وحي من تنزيل الله الحكيم , على نبيه الرحيم , وليس من تأليف البشر ولا بقول أفاك أثيم .ومعنى الإعجاز العددي النظر بما للقرآن الكريم من عصمة باعتباره كلام الله جل وعلا، فيجعله دليلا يرشده إلى حقائق كونية أو مسائل غيبية، ولولا هذه العصمة لم يصح استدلاله،.
الإعجاز العددي في كتابات العلماء قديماًوحديثاً
كثيرا من الباحثين -قديما و حديثا - بحثوا في تناسق القرآن و انسجامه ،و ترتيب سوره و آياته ،و أظهروا كثيرا من أسراره و إعجازه و تماسكه ، كالسيوطي في أسرار ترتيب القرآن ، و محمود الكرماني في أسرار التكرار في القرآن ، و سيد قطب في ظلال القرآن ، و فاضل السامرائي في لمساته البيانية ، و محمد الزفزاف في كتابه التعريف بالقرآن و الحديث . و قد أظهرت البحوث الحديثة حول الإعجاز العددي و الرقمي في القرآن نتائج باهرة و مذهلة حول البناء الرقمي المحكم الذي بُني عليه القرآن على مستوى سوره و آياته ، و حروفه و معانيه ([2])
وقد بدأ الاهتمام بالإحصاءات القرآنية مبكرا في عهد الحجاج بن يوسف الثقفي حيث أرسل إلى قراء البصرة منهم الحسن البصري ومالك بن دينار وقال لهم : عدوا حروف القرآن . ([3])وقد ألف في هذا الموضوع كثير من العلماء قديما وحديثا وخاصة بعد ظهور الحاسوب حيث كان وسيلة سهلة وسريعة ودقيقة في الإحصاءات القرآنية .
وما يدل على اهتمام السابقين بهذا النوع من الإعجاز ما أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (2172) والبيهقي في السنن الكبرى (4/213) والحاكم في المستدرك (1639) وصححه عن ابن عباس قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدعوني مع أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ويقول لي: لا تتكلم حتى يتكلموا، قال: فدعاهم وسألهم عن ليلة القدر قال: أرأيتم قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: التمسوها في العشر الأواخر، أي ليلة ترونها؟ قال: فقال بعضهم: ليلة إحدى، وقال بعضهم: ليلة ثلاث، وقال آخر: خمس، وأنا ساكت فقال: ما لك لا تتكلم؟ فقلت: إن أذنت لي يا أمير المؤمنين تكلمت، قال فقال: ما أرسلت إليك إلا لتتكلم، قال: فقلت: أحدثكم برأيي! قال: عن ذلك نسألك، قال فقلت: السبع، رأيت الله ذكر سبع سماوات، ومن الأرضين سبعا،وخلق الإنسان من سبع ،وبرز نبت الأرض من سبع. قال فقال: هذا أخبرتني ما أعلم أرأيت ما لا أعلم ما قولك: نبت الأرض من سبع، قال فقلت، إن الله يقول "شققنا الأرض شقا" [عبس:26] إلى قوله: "وفاكهة وأبا" [عبس:31] والأب نبت الأرض مما يأكله الدواب ولا يأكله الناس، قال: فقال عمر - رضي الله عنه - : أعجزتم أن تقولوا كما قال هذا الغلام الذي لم يجتمع شؤون رأسه بعد، إني والله ما أرى القول إلا كما قلت، قال وقال: قد كنت أمرتك أن لا تتكلم حتى يتكلموا وإني آمرك أن تتكلم معهم. فابن عباس - رضي الله عنهما - نظر إلى تكرر رقم سبعة في عدد من آيات القرآن الكريم، مما يدل على أن له معنى خاصا، فجعله أمارة يستنبط منها أن ليلة القدر الوارد ذكرها في قوله تعالى:"إنا أنزلناه في ليلة القدر" [القدر:1] هي ليلة السابع من العشر الآواخر من رمضان، وهذا لا يمنع أن يكون - رضي الله عنه- استند في فهمه إلى قرائن أخرى.
بعض التسميات الواردة في القرآن :
وتكررت بلفظ الجمع أيام 23 مرة وبلفظ أياما 4 مرات وبلفظ المثنى يومين 3 مرات = 30 مرة بعدد أيام الشهر .
وتكرر لفظ الشهر في القرآن الكريم 12 مرة بعدد أشهر السنة .
ــ بعض الإشارات القرآنية البديعة :
سورة المجادلة ترتيبها في المصحف 58 وقد ذكر اسم الله فيها صريحا ومضمرا 58 مرة .
وقد تألفت لفظة الدنيا من ستة أحرف ومقابلها خلقت الدنيا في ستة أيام .
وقد تألفت لفظة الإنسان من سبعة أحرف ومقابلها تم خلق الإنسان على مراحل سبع
الإعجاز في العدد سبعة :
ــ الفاتحة هي السبع المثاني .
ــ نزل القرآن على سبعة أحرف .
ــ وخلق الله سبع سموات وسبعة أرضين .
ــ الطواف سبعة أشواط والسعي سبعة أشواط .
ــ السور الطوال في القرآن سبعة .
ــ ذكر سبعة أبواب لجهنم .
ــ منارات المسجد الحرام كانت سبعا ثم زاد عليها آل سعود حتى أصبحت تسعا .
ــ أقسام الوحي سبعة والقارات سبع وعدد أيام الأسبوع سبعة .
ــ السجود في الصلاة على سبعة أعضاء .
ــ سبع سور سميت بأسماء الأنبياء .[4]
وحديثا كانت هناك بعض المنزلقات والزلات لهذا العلم وسأذكر أمثله لبعض منها إذ فيها كثير من الدخل والدخن؛
1- الحسابات العددية ارتبطت بالبهائية (وهي أحد الفرق الباطنية الضالة) وعلى تلك الحسابات اعتمد ـ الهالك ـ رشاد خليفه في دعوى النبوة، وأما الإعجاز الرقمي فدعوى ضلال، وتعود في أصلها إلى نظريات فيثاغورس في تقديس الأعداد، ويستخدمها طائفة من اليهود للإدعاء بأن حوادث التاريخ - بعد وقوعها طبعاً!! - مكتوبة في التوراة بالشفرة، وهذا التفسير معروف بالقَبَّالة.والغريب أن بعض المؤلفين في هذا الباب يزعمون أن الرقم (19) له خصوصية قرآنية، وهو رقم البهائية المقدّس!!وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم (حتى لو دخلوا جحر ضبّ لدخلتموه).فالموضوع خطير، ولكن بعض الطيبين يطربون لهذه الأرقام الانتقائية!!
2- اتسمت كثير من الدراسات المتعلِّقة بالإعجاز العددي بالتكلف وصور التحمل وافتقاد المنهجية المطردة المنضبطة، التي تحكم مساره وتضبط أبحاثه، فأدخلوا بعض الحسابات العددية التي توصلوا لها وفق عملية حسابية معينة ضمن إطار الإعجاز وهذا لا يجوز , واعتماد بعض الدراسات على بعض المسائل الخلافية المتصلة بالقرآن الكريم التي لم يزل الخلاف فيها بين أهل العلم قائماً، نحو رسم المصحف وترتيب السور، في عصر النبوة كان يقسم القرآن الكريم إلى الطوال والمئين والمثاني والمفصل، فهذه الأمور المحدثة في رسم المصحف ليس لها العصمة التي لكلام الله حتى يبنى عليها وتجعل مأخذا ومنزعا
3- العبث في كتاب الله تعالى ، والذي كان سببه الجهل بحقيقة إعجاز كتاب الله تعالى ومنه ما تردد كثيراً بعد الأحداث التي وقعت في أمريكا، واستدلال بعضهم عليها بما ورد في سورة التوبة، وراح البعض يحدد بتلك الأرقام " زوال دولة إسرائيل " وتعدى آخر إلى " تحديد يوم القيامة " ، والملاحظ أن أولئك الذين نشروا تلك الأرقام لم يصيبوا في عدِّهم لبعض الألفاظ ، ووجدت الانتقائية من بعضهم في عدِّ الكلمة بالطريقة التي يهواها ، وكل هذا من أجل أن يصلوا إلى أمرٍ أرادوه وظنوه في كتاب الله تعالى .وقد رد الدكتور خالد السبت على من استدل بآية ( لا يزال بنيانهم .. ) في سورة التوبة على تفجيرات أمريكا - :أن مبنى هذه الارتباطات على الحساب الشمسي ، وهو حساب متوارث عن أُمم وثنية ، ولم يكن معتبراً لدى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وإنما الحساب المعتبر في الشرع هو الحساب بالقمر والأهلة ، وهو الأدق والأضبط ، ومما يدل على أن المعروف في شرائع الأنبياء هو الحساب بالقمر والأهلة حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أُنْزِلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ ، وَأُنْزِلَتْ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ ، وَالْإِنْجِيلُ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ ، وَأُنْزِلَ الْفُرْقَانُ لِأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ ) ([5]). وهذا لا يعرف إلا إذا كان الحساب بالقمر والأهلة ،
4- الدراسات التي تتعلَّق بمسائل غيبية أو حوادث مستقبلة فهذا مسلك خطر، لا تُأمن فيه السلامة، ولم يزل الدجل والإفك يقترن بما اتصل بالغيبيات والأمور المستقبلة من بحوث ودراسات، ومسائل الغيب قد حجبها الله عن عباده إلا من ارتضى من رسله، فينبغي أن تنزه البحوث المتعلقة بالقرآن الكريم عن الخوض في هذا البحر اللجي.
5- بعض الدراسات تنطلق من قناعات سابقة في أمر ما، تكون حكما على القرآن الكريم، حتى إنك ترى الباحث يتكلَّف ويتحَّمل في البحث والاستنتاج حتى يصل إلى تلك النتيجة المقررة عنده سلفا
قدَّم الدكتور " أشرف عبد الرزاق قطنة " دراسة نقدية على الإعجاز العددي في القرآن الكريم ، وأخرجه في كتاب بعنوان : " رسم المصحف والإعجاز العددي ، دراسة نقدية في كتب الإعجاز العددي في القرآن الكريم " وخلص في خاتمة الكتاب الذي استعرض فيه ثلاثة كتب هي (1) كتاب " إعجاز الرقم 19 " لمؤلفه باسم جرار ، (2) كتاب " الإعجاز العددي في القرآن " لعبد الرزاق نوفل ، (3) كتاب " المعجزة " لمؤلفه عدنان الرفاعي ، وخلص المؤلف إلى نتيجة عبَّر عنها بقوله :
" وصلت بنتيجة دراستي إلى أن فكرة الإعجاز العددي " كما عرضتها هذه الكتب " غير صحيحة على الإطلاق ، وأن هذه الكتب تقوم باعتماد شروط توجيهية حيناً وانتقائية حيناً آخر ، من أجل إثبات صحة وجهة نظر بشكل يسوق القارئ إلى النتائج المحددة سلفاً ، وقد أدت هذه الشروط التوجيهية أحياناً إلى الخروج على ما هو ثابت بإجماع الأمة ، كمخالفة الرسم العثماني للمصاحف ، وهذا ما لا يجوز أبداً ، وإلى اعتماد رسم بعض الكلمات كما وردت في أحد المصاحف دون الأخذ بعين الاعتبار رسمها في المصاحف الأخرى ، وأدت كذلك إلى مخالفة مبادئ اللغة العربية من حيث تحديد مرادفات الكلمات وأضدادها .
وقد ذكر الدكتور فهد الرومي أمثله على اختيار الدكتور عبد الرزاق نوفل الانتقائي للكلمات حتى يستقيم له التوازن العددي ، ومن ذلك قوله : إن لفظ اليوم ورد في القرآن ( 365 ) مرة بعدد أيام السنة ، وقد جمع لإثبات هذا لفظي " اليوم " ، " يوماً " وترك " يومكم " و " يومهم " و " يومئذ " ؛ لأنه لو فعل لاختلف الحساب عليه ! وكذلك الحال في لفظ " الاستعاذة " من الشيطان ذكر أنه تكرر ( 11 ) مرة ، يدخلون في الإحصاء كلمتي " أعوذ " و " فاستعذ " دون " عذت " و " يعوذون " و " أعيذها " و " معاذ الله " ([6]).
ما هو الحكم الشرعي على هذا النوع من الدراسات الحديثة؟
إن هذه الارتباطات جعلت كثيراً من الدارسين يقف من هذا الاتجاه الحادث موقف الريب، وينزع فيه منزع الشك، وقد أبدى كثير من المختصين في الدراسات القرآنية تحفظهم الشديد على هذا النوع من البحوث المتصلة بالقرآن الكريم، وأحيانا يخرج البحث عن المسار العلمي إلى نطاق يتعلق بالأشخاص، فالسؤال المنهجي المهم هنا هو: هل هذه ( الأعداد المعجزة) التي يُذكر أنها في القرآن الكريم، والتي تشير إليها البحوث والدراسات المعاصرة جائزة الوقوع عقلاً، بحيث لا يمتنع وقوعها عقلا في القرآن الكريم، وبمعنى آخر هل هناك ما يمنع من ورود أرقام وأعداد تحسب بطريقة ما فتدل على حقائق علمية وكونية،؟
والظاهر أنه جائز الوقوع عقلاً؛ لأنه لا يوجد ما يحيل وقوعه لا من حيث نصوص الشرع، ولا من حيث جريان العادات والسنن، غير أن التكلُّف والتحُّمل في الإبحاث ذات الصلة وافتقاد المنهجية شابت كثيراً من تلك الدراسات، مما يجعل المرء على حذر من قبولها مطلقا دون فحص ونظر([7])
كما أنه تعالى لا يعجزه شيء ولا يعزب عنه مثقال ذرة، وعدم وجود المانع دليل على الجواز قطعا، على أنه لا تلازم بين الجواز العقلي والوقوع الفعلي، إذ ليس كل ما يجوز عقلاً يقع فعلاً، وهذا لا إشكال فيه بحمد لله. بمعنى لا تلازم بين القول بجواز هذا النوع من الدراسة من حيث النظر العقلي وتصحيح البحوث الموجودة اليوم، بل فيها ما هو باطل قطعاً، وفيها ما دون ذلك مما يحتاج إلى مزيد من النظر، وإنما المقصود بحث هذه المسألة بحثاً علمياً مجرداً عن تطبيقاتها الحالية.([8])
إحصاءات في السور والآيات :
سور القرآن : 114 أجزاء القرآن : 30 أحزاب القرآن : 60 سجدات القرآن : 15 أحرف القرآن : 7 آياته : 6236 كلمات القرآن : 77439 بسملات القرآن: 114 نقط القرآن : 1015030
السور المكية: 86 السور المدنية : 28 المختلف فيها : 12 الآيات المكية : 4470 الآيات المدنية : 1729 الآيات التي لم تنزل بمكة ولا المدينة : 37 آية .
لفظ الجلالة: 2707 : منها 980 مرة في حالة الرفع , و592 مرة في حالة النصب , و1135 في حالة الجر .
حروف القرآن بحسب كتابتها : 323071 , حروف القرآن بحسب لفظها : 335288والفرق بينهما : 9517 حرفا .
وهناك بعض الإحصاءات مختلف فيها مثل عدد الحروف والكلمات والآيات وذلك بسبب الوقوف التي كان يقف عليها النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك على مذهب من عد البسملة آية من الفاتحة أم لا .
بعض التوافقات في القرآن :
هناك توازن في الكلمات المتوافقة في القرآن وفي الكلمات المتضادة أيضا سأورد مثالا على النوعين : مع العلم بأن هذه التعدادات مع مشتقاتها كلها !
أ ــ التوازن في الكلمات المتوافقة :
كلمة القرآن وردت في القرآن 70 مرة # كلمة الوحي وردت في القرآن 70 مرة
كلمة الطهر وردت في القرآن 31 مرة # كلمة الاخلاص وردت في القرآن 31 مرة
كلمة البعث وردت في القرآن 45 مرة # كلمة الصراط وردت في القرآن 45 مرة
ب ــ التوازن في الكلمات المتضادة :
كلمة الدنيا وردت في القرآن 115 مرة # كلمة الآخرة وردت في القرآن 115مرة
كلمة الصالحات وردت فيه 167 مرة # كلمة السيئات وردت في القرآن 167 مرة
كلمة الملائكة وردت في القرآن 88 مرة # كلمة الشياطين وردت في القرآن 88 مرة
كلمة الحياة وردت في القرآن 145 مرة # كلمة الموت وردت في القرآن 145 مرة
كلمة النفع وردت في القرآن 50 مرة # كلمة الفساد وردت في القرآن 50 مرة ([9])
وأما الحساب الذي يذكره الله تعالى في كتابه الكريم فهو الحساب الدقيق الذي لا يختلف على مدى السنوات ، وهو الحساب القمري .
وفي قوله تعالى : ( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ) الكهف/25 ذكر بعض العلماء أن عدد ( 300 ) هو للحساب الشمسي ، وأن عدد ( 309 ) هو للحساب القمري ! وقد ردَّ على هذا القول الشيخ محمد بن صالح العثيمين ، وبيَّن في ردِّه أن الحساب عند الله تعالى هو الحساب القمري لا الشمسي .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :" ( وَازْدَادُوا تِسْعاً ) ازدادوا على الثلاث مائة تسع سنين ، فكان مكثُهم ثلاث مائة وتسع سنين ، قد يقول قائل : " لماذا لم يقل مائة وتسع سنين ؟ "
فالجواب : هذا بمعنى هذا ، لكن القرآن العظيم أبلغ كتاب ، فمن أجل تناسب رؤوس الآيات قال : ( ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً ) ، وليس كما قال بعضهم بأن السنين الثلاثمائة بالشمسية ، وازدادوا تسعاً بالقمرية ؛ فإنه لا يمكن أن نشهد على الله بأنه أراد هذا ، مَن الذي يشهد على الله أنه أراد هذا المعنى ؟ حتى لو وافق أن ثلاث مائة سنين شمسية هي ثلاث مائة وتسع سنين بالقمرية فلا يمكن أن نشهد على الله بهذا ؛ لأن الحساب عند الله تعالى واحد .
وما هي العلامات التي يكون بها الحساب عند الله ؟
الجواب : هي الأهلَّة ، ولهذا نقول : إن القول بأن " ثلاث مائة سنين " شمسية ، ( وازدادوا تسعاً ) قمرية قول ضعيف .
ويمكن الرجوع والاستزادة من
1 : الإتقان في علوم القرآن للسيوطي ط : دار الجيل بيروت ط : الأولى 1419- 1998
2 : البرهان في علوم القرآن للزركشي .
3 : فنون الأفنان في عجائب علوم القرآن لابن الجوزي ط: مؤسسة الكتب الثقافية ط: الأولى 2001
4 : الأعداد من القرآن والحديث والأخبار لمحمد أبو اليسر عابدين ط : الشام ط : الأولى 1414- 1994
5 : تفسير آيات العدد في القرآن الكريم لعبد المنعم عبد الوهاب المغازي ط : مكتبة الإيمان المنصورة
[