اربح حتى وأنت نائم
الناس في إدارتهم للأموال مذاهب، ففي بدايات مشروعه الناشئ، كان بول يمشي ليسلم بريد الشركة بدلا من إرساله بالبريد، وكان ينام على أريكة يستأجرها مقابل 50 دولار في الشهر، ليوفر ثمن إيجار بيت. حين كان بول يذهب إلى وسط البلد،
حيث الزحام الشديد، والمواقف غالية الثمن، كان بول يتعمد تغيير زيت سيارته، إذ كان يذهب ويتركها، ثم يعود بعدما يقضي أعماله كلها، وكانت التكلفة أقل من تلك التي كان ليدفعها ما لو تركها في موقف سيارات ذي ثمن غال.
لنفهم سبب هذه الأفعال، علينا تذكر أن بول بدأ مشروعه من لا شيء، وأن بول كان يعاني من مرض خاص، هذا المرض جعل مهمة بول في الحياة شديدة الصعوبة، جعله يشعر أنه بحاجة لمعجزة حتى لا ينتهي به العمر في ملجأ للمشردين والعاجزين.
حين يُحاضر بول في الجامعة، عادة ما يسأل طلبته، هل من الأفضل لكم، توفير المزيد من المال، أم الحصول على درجات دراسية أفضل؟ هذا السؤال يباغت الطلبة، فهم مدربون – حتى في أمريكا – على تخزين العلم والسهر طوال الليل من أجل الدرجات العلى.
هذا السؤال محوري، فالمتفوقون من الطلبة، حين يخرجون إلى معترك الحياة، يجدون قواعد اللعبة وقد اختلفت، ولذا يهرب بعضهم إلى الحياة الأكاديمية التي ألفها، ويتحول البعض الآخر ليتكيف مع الوضع الجديد، والبعض الآخر يرفض هذا التغير، فيقبع في الفشل العملي الحياتي.
يبرر بول هذا الأمر بأننا معاشر الطلبة – أثناء دراستنا – لم يعلمنا أحد التخطيط المالي لحياتنا، نعم، علمونا فنون إدارة الشركات والأفراد، لا حياتنا العملية. أول درس يعلمه بول لطلبته، الادخار، الادخار طوال العمر. عندما يكون لدينا مال مدخر، يمكننا الاتكال عليه، ساعتها سنتمكن من عدم قبول العمل لدى مدير بغيض. عندما يسيء مديرك إليك، فلا يمكنك صرفه واستبداله بمدير آخر، وأنت متزوج وتعول، ما لم يكن لديك مدخرات تغنيك حتى تحصل على مدير غيره.
السؤال الثاني الذي يسأله بول لطلبته، أي الشيكات تفضلون، شيك الراتب، شيك إيجار عقاراتكم، شيك عوائد أسهمكم في البورصة؟ إذا كنت تفضل شيك الراتب، فأنت لست حرا. هذه الحقيقة تعلمها بول حين اشترى وعمره 26 عاما عقارا من أربع شقق، مقابل 125 ألف دولار، ثم باعه بعد بضعة سنين مقابل 450 ألف دولار. هذا المكسب جعل بول ينتبه إلى أهمية الاستثمار في العقارات، الأمر الذي جعله في بعض السنوات يحقق أرباحا من العقارات تفوق ما كان يربحه من محلات كينكوز بكثير.
يطلعنا بول على حقيقة مالية ذات أهمية كبرى، حقيقة أجدها غائبة في ثقافتنا العربية، فحقيقة أنك تملك عملك، تتلخص في قدرتك على الربح بدون أن تكون حاضرًا في موقع العمل، دون أن تقف في محلك، أو تجلس في مقعدك، ألا تكون أنت مركز الكون في تجارتك. إذا لم تمض الأمور على هذا المنوال، فالعمل ساعتها هو من يملكك. حتى وأنت نائم، يجب أن تزيد أرباحك، وأنت غائب، يجب أن يسير العمل بدونك، لتتفرغ أنت لتقود سفينة العمل إلى حيث البحار المربحة.
يجب أن تعمل أفكارك ومدخراتك من أجلك، كل ثانية ودقيقة وساعة ويوم وأسبوع وشهر وعام. هذا هو الدرس الأول في علم التجارة والربح.
في طفولته، كانت الكلمات الأكثر ترددا على موائد طعام عائلة بول الكبيرة هي عوائد الأسهم والتجارة فيها، لذا كان بول وعمره 12 سنة، يهجر المدرسة ويركب الحافلة الذاهبة إلى قلب لوس أنجلس، لكي يزور عمه السمسار في البورصة، ليطلب منه تعليمه عن الأسهم والاستثمار في البورصة. حين علم والده بهذا الهروب، لم يشأ أن يزد من متاعب بول ومشاكله في التعلم، لذا سمح لبول بأن يضارب باسم والده في البورصة. حين ضارب بول باسم والده وحقق أرباحا، كانت هذه نهاية تعامله باسم والده، وبداية تعامله باسمه هو.
حين أجرت جامعة بول مسابقة بين الطلبة، من أجل اختيار 10 أسهم ومراقبة عوائدها خلال فترة محددة، جاء بول في المرتبة الأولى، متفوقا على 500 متسابق، حيث حققت عشرته أفضل أرباح في تلك الفترة، وكانت هذه المرة الأولى التي يتفوق فيها بول في أي نشاط دراسي في حياته كلها.
رغم ذلك، حين استثمر بول وسنه 21 عاما أول 5000 دولار في شراء سندات (للتذكير: السندات إقراض مال مقابل نسبة ربا محددة مقدما، ولذا ترفضها الشريعة الإسلامية) خسر نسبة كبيرة من ماله، إذا صدر قرار فيدرالي دمر مستقبل هذه السندات.
الخمسة آلاف دولار الثانية، والتي خسرها بول مرة أخرى في استثمار في سندات، جمعها من العمل في تجارة الخضروات، مع قريب له. كان بول يستيقظ في الثالثة صباحا، يشتري الخضروات، ثم يذهب لبيعها في شوارع المدينة. هذه التجربة قصيرة المدى، علمت بول أنه لا يريد المتاجرة في سلع تعتمد على مخزون كبير، يمكنها أن تتلف إذا هو لم يتخلص منها بسرعة. كان بإمكان بول ربح المزيد من المال لو نشر إعلانا في الجريدة، لكن لانشغاله في العمل، نسي ذلك الأمر، لقد كان عمله يملكه!
بالعودة للوراء، يشعر بول بالسعادة لخسارته الثانية، إذ لعبت أرباحه برأسه فغرته وجعلته يشعر أنه رابح طوال الوقت. هذه الخسارة علمت بول أن سوق البورصة ذات اتجاهين، أعلى وأسفل، ربح وخسارة، وليست أحادية الاتجاه.
تدفق الأموال، إنه تدفق الأموال
درس بول التالي هو: مراقبة تدفق الأموال. كان بول يسهر الليالي يجاهد مع الأرقام ليرسم مخطط الأموال الواردة والصادرة من حساب شركته. كان بول يريد دائما معرفة كم من النقود السائلة لديه الآن، في يديه، وليست في شيك أو حساب بنكي، ثم معرفة كم من النقود سيدخل حسابه في الغد، وكم سيخرج. هذه المعرفة حمت الشركة من الخسائر لسنين طويلة في البداية، حتى تحمل غيره هذا العبء.
إياك والاندفاع في التوسع
هذا الأمر يصيب الشركات والأفراد الذين يحققون أرباحا كبيرة ورواجا سريعا يذهب بعقولهم، فيندفعون في التوسع والتطوير، متغافلين عن دورة الأموال، ليجدوا أنفسهم بدون أي سيولة نقدية لازمة لاستمرار النشاط التجاري. فطن بول إلى هذا الأمر، ومن ثم حرص على ألا تزيد نسبة توسع شركاته عن 30% في العام، حتى لا يجد نفسه بدون سيولة نقدية، فيعجز عن سداد المستحقات، فيخسر الشركة أثناء انتظارها أرباح الغد، أو بكلمات أبسط، حتى لا تذهب شركته ضحية نجاحها هي.
الناس في إدارتهم للأموال مذاهب، ففي بدايات مشروعه الناشئ، كان بول يمشي ليسلم بريد الشركة بدلا من إرساله بالبريد، وكان ينام على أريكة يستأجرها مقابل 50 دولار في الشهر، ليوفر ثمن إيجار بيت. حين كان بول يذهب إلى وسط البلد،
حيث الزحام الشديد، والمواقف غالية الثمن، كان بول يتعمد تغيير زيت سيارته، إذ كان يذهب ويتركها، ثم يعود بعدما يقضي أعماله كلها، وكانت التكلفة أقل من تلك التي كان ليدفعها ما لو تركها في موقف سيارات ذي ثمن غال.
لنفهم سبب هذه الأفعال، علينا تذكر أن بول بدأ مشروعه من لا شيء، وأن بول كان يعاني من مرض خاص، هذا المرض جعل مهمة بول في الحياة شديدة الصعوبة، جعله يشعر أنه بحاجة لمعجزة حتى لا ينتهي به العمر في ملجأ للمشردين والعاجزين.
حين يُحاضر بول في الجامعة، عادة ما يسأل طلبته، هل من الأفضل لكم، توفير المزيد من المال، أم الحصول على درجات دراسية أفضل؟ هذا السؤال يباغت الطلبة، فهم مدربون – حتى في أمريكا – على تخزين العلم والسهر طوال الليل من أجل الدرجات العلى.
هذا السؤال محوري، فالمتفوقون من الطلبة، حين يخرجون إلى معترك الحياة، يجدون قواعد اللعبة وقد اختلفت، ولذا يهرب بعضهم إلى الحياة الأكاديمية التي ألفها، ويتحول البعض الآخر ليتكيف مع الوضع الجديد، والبعض الآخر يرفض هذا التغير، فيقبع في الفشل العملي الحياتي.
يبرر بول هذا الأمر بأننا معاشر الطلبة – أثناء دراستنا – لم يعلمنا أحد التخطيط المالي لحياتنا، نعم، علمونا فنون إدارة الشركات والأفراد، لا حياتنا العملية. أول درس يعلمه بول لطلبته، الادخار، الادخار طوال العمر. عندما يكون لدينا مال مدخر، يمكننا الاتكال عليه، ساعتها سنتمكن من عدم قبول العمل لدى مدير بغيض. عندما يسيء مديرك إليك، فلا يمكنك صرفه واستبداله بمدير آخر، وأنت متزوج وتعول، ما لم يكن لديك مدخرات تغنيك حتى تحصل على مدير غيره.
السؤال الثاني الذي يسأله بول لطلبته، أي الشيكات تفضلون، شيك الراتب، شيك إيجار عقاراتكم، شيك عوائد أسهمكم في البورصة؟ إذا كنت تفضل شيك الراتب، فأنت لست حرا. هذه الحقيقة تعلمها بول حين اشترى وعمره 26 عاما عقارا من أربع شقق، مقابل 125 ألف دولار، ثم باعه بعد بضعة سنين مقابل 450 ألف دولار. هذا المكسب جعل بول ينتبه إلى أهمية الاستثمار في العقارات، الأمر الذي جعله في بعض السنوات يحقق أرباحا من العقارات تفوق ما كان يربحه من محلات كينكوز بكثير.
يطلعنا بول على حقيقة مالية ذات أهمية كبرى، حقيقة أجدها غائبة في ثقافتنا العربية، فحقيقة أنك تملك عملك، تتلخص في قدرتك على الربح بدون أن تكون حاضرًا في موقع العمل، دون أن تقف في محلك، أو تجلس في مقعدك، ألا تكون أنت مركز الكون في تجارتك. إذا لم تمض الأمور على هذا المنوال، فالعمل ساعتها هو من يملكك. حتى وأنت نائم، يجب أن تزيد أرباحك، وأنت غائب، يجب أن يسير العمل بدونك، لتتفرغ أنت لتقود سفينة العمل إلى حيث البحار المربحة.
يجب أن تعمل أفكارك ومدخراتك من أجلك، كل ثانية ودقيقة وساعة ويوم وأسبوع وشهر وعام. هذا هو الدرس الأول في علم التجارة والربح.
في طفولته، كانت الكلمات الأكثر ترددا على موائد طعام عائلة بول الكبيرة هي عوائد الأسهم والتجارة فيها، لذا كان بول وعمره 12 سنة، يهجر المدرسة ويركب الحافلة الذاهبة إلى قلب لوس أنجلس، لكي يزور عمه السمسار في البورصة، ليطلب منه تعليمه عن الأسهم والاستثمار في البورصة. حين علم والده بهذا الهروب، لم يشأ أن يزد من متاعب بول ومشاكله في التعلم، لذا سمح لبول بأن يضارب باسم والده في البورصة. حين ضارب بول باسم والده وحقق أرباحا، كانت هذه نهاية تعامله باسم والده، وبداية تعامله باسمه هو.
حين أجرت جامعة بول مسابقة بين الطلبة، من أجل اختيار 10 أسهم ومراقبة عوائدها خلال فترة محددة، جاء بول في المرتبة الأولى، متفوقا على 500 متسابق، حيث حققت عشرته أفضل أرباح في تلك الفترة، وكانت هذه المرة الأولى التي يتفوق فيها بول في أي نشاط دراسي في حياته كلها.
رغم ذلك، حين استثمر بول وسنه 21 عاما أول 5000 دولار في شراء سندات (للتذكير: السندات إقراض مال مقابل نسبة ربا محددة مقدما، ولذا ترفضها الشريعة الإسلامية) خسر نسبة كبيرة من ماله، إذا صدر قرار فيدرالي دمر مستقبل هذه السندات.
الخمسة آلاف دولار الثانية، والتي خسرها بول مرة أخرى في استثمار في سندات، جمعها من العمل في تجارة الخضروات، مع قريب له. كان بول يستيقظ في الثالثة صباحا، يشتري الخضروات، ثم يذهب لبيعها في شوارع المدينة. هذه التجربة قصيرة المدى، علمت بول أنه لا يريد المتاجرة في سلع تعتمد على مخزون كبير، يمكنها أن تتلف إذا هو لم يتخلص منها بسرعة. كان بإمكان بول ربح المزيد من المال لو نشر إعلانا في الجريدة، لكن لانشغاله في العمل، نسي ذلك الأمر، لقد كان عمله يملكه!
بالعودة للوراء، يشعر بول بالسعادة لخسارته الثانية، إذ لعبت أرباحه برأسه فغرته وجعلته يشعر أنه رابح طوال الوقت. هذه الخسارة علمت بول أن سوق البورصة ذات اتجاهين، أعلى وأسفل، ربح وخسارة، وليست أحادية الاتجاه.
تدفق الأموال، إنه تدفق الأموال
درس بول التالي هو: مراقبة تدفق الأموال. كان بول يسهر الليالي يجاهد مع الأرقام ليرسم مخطط الأموال الواردة والصادرة من حساب شركته. كان بول يريد دائما معرفة كم من النقود السائلة لديه الآن، في يديه، وليست في شيك أو حساب بنكي، ثم معرفة كم من النقود سيدخل حسابه في الغد، وكم سيخرج. هذه المعرفة حمت الشركة من الخسائر لسنين طويلة في البداية، حتى تحمل غيره هذا العبء.
إياك والاندفاع في التوسع
هذا الأمر يصيب الشركات والأفراد الذين يحققون أرباحا كبيرة ورواجا سريعا يذهب بعقولهم، فيندفعون في التوسع والتطوير، متغافلين عن دورة الأموال، ليجدوا أنفسهم بدون أي سيولة نقدية لازمة لاستمرار النشاط التجاري. فطن بول إلى هذا الأمر، ومن ثم حرص على ألا تزيد نسبة توسع شركاته عن 30% في العام، حتى لا يجد نفسه بدون سيولة نقدية، فيعجز عن سداد المستحقات، فيخسر الشركة أثناء انتظارها أرباح الغد، أو بكلمات أبسط، حتى لا تذهب شركته ضحية نجاحها هي.